тнє gяєαт المُدِيرَههّ الْعَإمَههّ.♥
عدد المساهمات : 156 نقاط : 259 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 06/06/2012 العمر : 25 المزاج : اللِھَہّمِ ـِأرححَمِنآ برحمتكَكِ♥
| موضوع: قڝة قڝۑرة | أمٍڵ أمٍڵ ... السبت يوليو 21, 2012 7:18 am | |
| بعينين شبه مغمضتين، كانت أمل تراقب من النافذة حركة الأطفال في الحي، وفي هدوء غير اعتيادي، كانت تلحظ أقرانها يلعبون ويمرحون، أمل ... تلك الطفلة الوحيدة، البئيسة التي ليس لها حظ من اسمها، ربما وحيدة ليس على أرض الواقع، لكن الوحدة بمعناها المجازي، فقد كان لأمل أخ أكبر منها سنا، كما أن هناك العديد من الأطفال الذين هم في مثل سنها يسكنون في نفس حيّها، لكن ما الذي يمنعها من مشاركتهم اللعب؟ وما الذي يرغمها على الجلوس وراء نافذة مغلقة، تلعب دور المتفرج؟ أمل التي لم تمنحها الحياة فرصة التعبير عن نفسها، أو حتى إبراز وجودها، '' ما أتعس هذه الحياة '' جملة ترددها أمل كلما لمحت طفلة تمشي رفقة أمها، أو طفلا يرافق والديه في فرح وزهو، الحياة تعيسة فعلا في نظر أمل، فكيف لا وهي التي حرمتها من قول كلمة '' أمي ''، هذه الكلمة التي طالما يتردد صداها في أذني أمل، فيحدث ذلك في نفسها ارتجاجا، تحس بالدنيا تضيق وتكاد تلفظ أنفاسها، تحس بالبؤس والشقاء وترى علم التعاسة يخفق عاليا في حياتها. أمل هذه الطفلة في العاشرة من عمرها، ذات الشعر الأسود المنسدل على كتفيها، وذات النظرة البريئة للمستقبل، أمل تلك الطفلة التي تحمل في يدها تلك الدمية التي لا تفتأ تفارق يديها، وكيف لا تكون كذلك وهي آخر ذكرى من أمها الراحلة؟ هنا بدأت أحزان الطفلة، والتي تفكر طيلة الوقت في ذلك اليوم المر الذي توفيت أمها في حادثة سير، كانت ولا تزال أقوى لحظة عاشتها في حياتها، لا تزال تذكر كيف خرجت من محل الأطفال تكاد تطير من الفرح، وتكاد الأرض لا تحملها، لا تزال تذكر ذلك وهي تحمل نفس الدمية التي تحملها الآن، وكيف أن أمها لم تتردد في تلبية رغبتها في اقتناء تلك الدمية، فرح لم يدم ولم يطل إلى أن تحول بغتة إلى فاجعة كبرى، دقائق بعد خروجها من المحل جعلت الطفلة يتيمة الأم ... تحاول أمل كبت رغبة الخروج كلما تذكرت هذا الموقف، تحاول نسيانه ونسيان كل الماضي، لكنها لم تستطع، تحاول التفكير في أمر آخر، لكن صورة أمها لا تغادر ذهنها أبدا. دائما أراها منهمكة في تفكير عميق، وفي تقليب أفكار لا أدري ماهيتها، فبرغم سنها الحديث إلا أن لها عقلية أكبر منها، فرضت عليها الحياة قسوة لم تفرضها على غيرها، فلم تتمتع بحقوق تمتع بها قريناتها، لم يحرمها أحد من ذلك، فأبوها بعد وفاة زوجته لاحظ تردي حالتها النفسية، فعمد إلى توفير كل ما تحتاجه طفلة في سنها، لكنه لم يستطع أن يوفر لها ما تحتاجه حقا، فهي لم تكن لديها رغبة في اللعب أو الأكل أو السفر أو غير ذلك، كانت لها رغبة في الحنان والعطف، ورغبة في ضمة من أمها الرؤوم، وكيف لا تكون كذلك وهي لم تتجاوز بعد العاشرة من عمرها. أراها تمشي وكأنني أرى فيلسوفا يمشي هائما يفكر في أطروحة ما، أو كشاعر شارد ينظم قصيدة مهمة وناذرا ناذرا ما أراها تجلس القرفصاء أمام بيتها في صمتها المعتاد. رؤيتها تدفعني أيضا للتفكير، وللتساؤل لكنني لا أجد جوابا يشفي غليلي، كيف يمكن إسعاد هذه الطفلة التي عبست الحياة في وجهها ولا تبتسم إلا لتكشر عن أنياب البؤس والشقاء، لم أجد جوابا لهذا السؤال بالذات لكن الجواب جاء بعد بضع سنين من التفكير العميق. في مساء يوم الجمعة، ذلك اليوم الذي ظل راسخا في ذهني إلى الآن، وعند عودة أمل من المدرسة لم تكن هناك محلات تشاهدها في الطريق، فأغلبها يبقى مقفلا طيلة اليوم، رفعت أمل رأسها عاليا للسماء، تبحث عن سرب من الطيور أو طائرة تمر بالصدفة لتسلي عينيها بذلك، وإذا بها تلمح بطاقة في أعلى إحدى المنازل كتب عليها '' زنقة ابن سينا ''، فوقفت برهة ثم أردفت : عجيب أهذا اسم حينا ؟ واصلت المسير وبالها مشغول في التفكير في طبيعة هذا الإسم، من هو ابن سينا ؟ أهو شخص ما؟ أم هو أحد سكان المدينة قديما؟ لأم ربما الأمر يتعلق باسم متجر أو فنان مشهور؟ لم تجد أمل في جعبتها جوابا، لكن هذا دفعها إلى البحث والتنقيب، فمن هو هذا الشخص الذي يستحق أن نسمي حينا باسمه؟ في صباح اليوم الموالي، ترددت أمل كثيرا في طرح ذلك السؤال الذي حرمها من النوم ليلة أمس على معلمتها، لكنها في آخر المطاف غلبت فضولها على خجلها، وفي آخر الحصة وتفاديا للحرج أمام باقي التلاميذ، توجهت أمل تتعثر في حيائها، وبصوت خافت قالت للمعلمة: '' من فضلك أستاذة، من هو ابن سينا؟ ''، بلفظة وغلظة أجابت الأستاذة : '' وما شأنك أنت بابن سينا؟ ليس لدي وقت الآن، هيا انصرفي !! '' أحست أمل بغصة في حلقها، ودمعة في عينيها أبت أن تنساب، لم يزد هذا أمل لا تحرقا وشوقا وفضولا، فراحت تجري إلى المنزل، دخلت غرفتها تنتظر مجيء أخيها على أحر من الجمر، لم تكد تسمع صوت خطواته على السلم حتى أسرعت تلقي عليه سؤالها وبدون مقدمات، نظر معاذ إلى أخته نظرة ازدراء وصعد يجري هو الآخر إلى غرفته دون أن ينبس ببنت شفة، كادت أمل يغمى عليها من هول هذا الموقف، أليس هناك في هذا الكون من يستطيع سماعها؟ أليس هناك من يمسح دمعة تنساب على خذها الوردي؟ أليس هناك من يستطيع أن يتحدث إليها على أنها كائن حي ؟ ! لم تصعد أمل إلى غرفتها لتبكي في صمت على عادتها، بل نزلت وغادرت البيت تجري وتجري، هائمة في أزقة المدينة وشوارعها دون أن يكون لها هدف أو مبتغى، كانت تجري محاولة الابتعاد عن بيتها فحسب، وكانت في حالة هستيرية، تجعل كل من رآها يقف عجبا لأمرها، وصلت أمل إلى ساحة عمومية وهي تخال أنها ابتعدت بما فيه الكفاية عن البيت، جلست تلهث وتلتقط أنفاسها، وإذا بسيارة تقف أمامها، إنها تعرف هذه السيارة جيدا، صمتت لبرهة وقبل أن تنطق نزل أبوها من السيارة، واتجه إلى أحد المتاجر، لم تكن أمل قد استراحت بعد لتنهض وتستأنف مسيرتها إن صح التعبير، بعد مدة أثار انتباهها متجر لألعاب الأطفال، فدفعتها غريزتها الطفولية إلى المشاهدة، وأرغمتها على الوقوف، تراجعت أمل إلى الوراء فلاحظت أمرا مريبا، بصعوبة بالغة حاولت قراءة اسم المتجر المكتوب بالفرنسية، لتسترجع ذكريات الماضي، لم تتمالك نفسها ولم تفطن إلى حقيقة ما انتابها فجأة إلا لتجد نفسها طريحة الأرض، وكما هو معروف في هذا البلد الشعبي فمن السهل اجتماع الناس وتكوين حلقة حول المصاب أو حادثة سير أو ما شابه، ولكن الذي ليس من السهل هو وصول الإغاثة أو الإسعاف، لا أحد يستطيع الاقتراب من تلك الجثة الهامدة فلا أحد يعرف ما إن كانت قد فارقت الحياة، أم أن هناك أملا في إغاثتها، حاول أحد المارة الاتصال بأقرب مستشفى غير أن التماطل لا بد أن يطال مثل هذه الحالات، بعد حوالي نصف ساعة أحس بها البعض كأنها سنوات، وصلت أخيرا سيارة الإسعاف، تراءت لهم وهي تتمايل يمنة ويسرة، وكأنها في حاجة أيضا إلى من يسعفها. ابتعد الجميع، فلا أحد يعرف هوية الكفلة، وسبب إغمائها أو وفاتها، ربما تفاديا للمشاكل ابتعد الكل. في الحي الذي تقطن فيه أمل، كانت الدنيا قائمة هناك، أعلنت حالة الطوارئ من طرف الأب، واستنفر كل من في الحي، ذهب الصغار والكبار للبحث عن هذه المفقودة، أما الأب فجلس يحوقل يولول كامرأة ثكلى، لم تسعه الكلمات للكلام، فأمل ومعاذ هما عزاءه الأخير بعد وفاة زوجته، لم تمر بعد سنة على الحادث ليفقد ابنته أيضا، فهو لا يدري حتى أين ذهبت أو أين سيبحث عنها، جلس بقربه معاذ هو الّآخر يؤنب ضميره، أحس أنه المسؤول عن كل ما حدث لكنه لم يخبر والده عن ما دار بينه وبين أمل قبل اختفائها مخافة حدوث ما لا يحمد عقباه، أسر معاذ ذلك في نفسه وأقسم لنفسه لئن عادت أمل أن يعاملها معاملة الأميرات، أقسم أن يحسن مثواها إن هي عادت، كل مبتغاه في هذه اللحظة هو عودة أمل، قطع شريط أفكاره رنة هاتف الأب هذا الأخير الذي حمل الهاتف بين يديه المرتجفتين لا يستطيع الحراك ولا الرد على المكالمة، وبصعوبة بالغة ضغط على الزر فإذا بالمتصل يسأله ما إن كان هو أب أمل، وأعطاه مواصفاتها، لم يتمالك الأب نفسه فسقط الهاتف من يده، حمله معاذ وأجاب على المتصل فأخبره هذا الأخير بأن أمل بالمستشفى المركزي للمدينة، وأنها تحت العناية المركزة الآن، ثم أقفل الخط دون أدنى تفسير أو توضيح، وارتدى ملابسه وطلب من أبيه أن يتبعه، وقبل أن يستفسر الأب عن وجهة ابنه كان الابن قد خرج من المنزل في ذهول وصدمة لا توصفان، وهو في غلطته تجاه أمل الصغيرة، استقل الأب السيارة، ولم يخبره الابن عن الوجهة، وإنما ظل برشده حتى وصل المستشفى وطلب منه إرجاء الأسئلة، إلى وقت لاحق لأنه شخصيا ليست له دراية بالموضوع، حيث أن تلك المكالمة الغامضة لم تزد الطين إلا بلة ولم تزد معاذ إلا حيرة. اتجه الابن بسرعة إلى الغرقة التي تتواجد بها أخته بعد أن دلته طبيبة المداومة عليها. وصلا إلى الغرفة ورجلاهما لا تكاد تحملهما، كانت أمل ترقد في غرفة، عينيها مغمضتين، ولا أثر للحياة على وجهها الطفولي البريء، منع الأب وابنه من دخول الغرفة وذلك للحالة الصعبة التي تتواجد عليها أمل، أما الطبيب فبعدما عرف بأن هذا الشخص الذي يريد الدخول هو أب هذه الطفلة الراقدة هناك، أمسك بتلابيبه وقال له مازحا : '' أليست لكم حاجة في هذه الطفلة حتى تركتموها تبتعد عن البيت لوحدها ؟ ''، لم ينطق الأب ولو حرفا، عقدت الصدمة لسانه، غير أن الطبيب طبطب على كتفه قائلا : '' لا تخف فليس هناك ما يدعو لذلك ''، قاطعه معاذ سائلا إياه عما حدث فأخبره الطبيب بأن المستشفى تلقى مكالمة تخبر عن حادث، بعد تلبية الدعوة وجدت هذه الطفلة هامدة، ومن الواضح حسب قوله أنها أصيبت بصدمة حادة. بعد ثلاثة أيام أمضاها الأب وابنه بين أروقة وأجنحة المستشفى، شفيت أمل تقريبا، وسمح لها بمغادرة المستشفى، لم يسأل الأب ابنته أين ذهبت في ذلك اليوم، أو عن سبب صدمتها، فالمهم عنده هو عودتها سالمة غانمة إليه، أما عن معاذ فقد بذل قصارى جهده لشراء هدية لأمل بمناسبة شفائها، وكانت الهدية البسيطة من الأخ الأكبر هي الدافع والمحرك والمغير لحياة أمل، نعم هدية ربما لم يعتقد معاذ للوهلة الأولى أنها ستكون لها نتائج طيبة على حياة أمل، فقبل عودة أمل بيوم واحد، دخل غرفته وأقفل بابها، أخرج حصالته التي طالما منع نفسه من فتحها، فقد كان يدخر نقوده لشراء حذاء رياضي باهظ الثمن، واحتفظ بمصروفه لما يزيد عن ثلاثة أشهر، وثمن الحذاء كاد يكتمل، كل هذا يدركه معاذ، لكنه بعد أن أفرغ حصالته، أمسك النقود بيديه، وصمت لبرهة ثم ابتسم قائلا: '' أمل، أختي، أعز عندي من أي شيء على وجه الأرض ''، لم يتردد ولم يتوانى، أخذ كل ما في حصالته، وخرج قاصدا السوق لكن ليس له أية دراية بما سيشتريه، في طريقه إلى السوق، كان يجول بعينيه في واجهات المحلات لعله يلمح الهدية المناسبة للطفلة الصغيرة، غير أنه لم يجد شيئا يعجبه، في مدخل السوق وجد متجرا لبيع ملابس الأطفال، وقف لحظة ثم دخل يستكشف المكان، كانت هناك عدة ملابس من أحجام مختلفة وألوان زاهية، تجعل المار يدخل دون وعي للمحل، وتجعل لعاب الأطفال يسيل، ملابس معلقة، وأخرى صففت بعناية على رفوف المتجر الواسع، وملابس وهي الأكثر مرمية هنا وهناك. وسط مهرجان الألوان هذا، لم يستطع معاذ أن يضبط نفسه فخرج دون أن يقع على اختياره أي من هذا أو ذاك. استأنف معاذ طريقه وغاية هدفه إيجاد هدية والخروج بأقصى سرعة من هذا السوق الصاخب المزدحم، واصل السير وهو ينظر يمنة ويسرة، فإذا به يلمح متجرا للأطفال وهذه المرة ليس للملابس بل للألعاب. دخل بسرعة واتجه مباشرة عند أحد الباعة الموظفين في المتجر، وبعد أن أخبره معاذ عن منيته، سأل هذا الأخير عن سن أخته، قال معاذ: '' عشر سنوات، لكنها أكبر من ذلك بكثير ''، لم يفهم البائع قصده لكنه اتجه إلى أحد الرفوف بعد أن قال له: '' بنت، وفي العاشرة من العمر، أعرف الهدية المناسبة ''، حمل البائع علبة متوسطة الشكل، لها لون وردي لامع يجعلها تثير انتباه الزبون، لكن ليس زبونا من نوع معاذ، فهو لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب ! سأل البائع معاذ ما إن كان يريد منه تغليفها أم أنه سيقوم بهذه المهمة نظر معاد ساخرا وتعجب لكون البائع لم يخبره حتى بماهية الهدية، فهم هذا الأخير مغزى ابتسامة الفتى، وأخبره بأن الهدية تتمنى كل فتاة الحصول عليها وثمنها ليس باهظا، قاطعه معاذ سائلا: '' ولكن ما هي ؟؟ '' قال البائع : '' إنها دمية '' طلب منه معاذ رؤيتها، فلبى الآخر طلبه، أمسك معاذ الدمية وبدأ يديرها بين يديه، لم تكن له دراية بهذا المجال، لكنه كان يريد إيهام البائع بذلك كي لا يبيعها له بثمن غير ثمنها. وبعد لحظة قصيرة، وجد معاذ نفسه يسترجع نفس شريط الذكريات الذي سبب لأمل تلك الصدمة، بدأ يفكر ويتأمل وبعد مدة، أدرك سبب مرض أمل، رمى الدمية أرضا واتجه صوب باب المتجر تلاحقه شتائم البائع ونعته إياها بالولد غير المؤدب، وغيرها من الكلمات التي جادت بها قريحته على الفتى المصدوم الذي لم يدرك بعد سبب خروجه من المتجر حاول الاتجاه إلى أقرب مخرج للسوق، وسط التدافع والتزاحم كان يفكر ويقول في لنفسه: '' أنا أكره الدمى، فبسببها فقدت أمي وهي أغلى إنسان عندي، وكدت أفقد أختي الصغرى، أأهديها دمية لتحل على بيتنا مأساة أخرى؟ لا وألف لا !!'' خرج من السوق وهو حائر، أيعطي لأخته هدية نقدية ويعطيها بذلك حرية الاختيار؟ لا فأمل لا تزال صغيرة على امتلاك ذلك المبلغ وهو يعتقد في قرارة نفسه أنها ستهدره في شراء الحلويات والسكريات، كان يفكر وفي رأسه مائة سؤال وسؤال، كان يمشي دون أن يدري هدفه، ودون أن تكون لديه أية غاية. بعد أن نال منه التعب، حاول إيجاد أي مكان يستريح فيه: مقهى كان أو حديقة عمومية، غير أن ما وجده معاذ بالقرب منه هو المكتبة العمومية والتي كان منخرطا فيها، دخل وبعد أن ألقى التحية، ألقى بجسده المنهك على أول كرسي اعترض طريقه، ما إن رأى صاحب المكتبة معاذ، حتى جاء إليه وسلم عليه، لكنه عجب لحاله اليوم، فقد رآه جالسا يلتقط أنفاسه والعرق ينصب من جبينه بل ويملأ قميصه عن آخره، تعجب صاحب المكتبة من ذلك فانهال عليه بسيل من الأسئلة محاولا معرفة ما يدور في خلده، طلب منه معاذ الجلوس، فجلس يحدثه عما جرى له اليوم، بل وأخبره بما حدث لأمه وما حدث قبل أيام لأمل، وبينما معاذ يحكي كان الرجل ينصت إليه في اهتمام وصمت امين، وفي آخر المطاف، طلب معاذ منه رأيه، نظر إليه الرجل في هدوء وقال له: '' اسمع يا معاذ أنا لدي رأي لكنه يبقى شخصيا، فلا تؤاخذني عليه، لأن الأذواق تختلف، أنا موظف في هذه المكتبة، وحسب مهنتي فأنا أرى أن خير هدية تهديها لأختك هي كتاب أو قصة تختارها بعناية فائقة، لتناسب سن أختك ''. طأطأ معاذ رأسه وبدأ يفكر، كان غير مقتنعا بالفكرة، فآخر شيء كان يمكن أن يفكر به هو الكتاب. فجأة طرأت على باله فكرة رائعة، نهض وقبّل رأس صاحب المكتبة وخرج مسرعا، أما صاحب المكتبة فكان يتعجب لحال هذا الفتى ظانا أنه يعاني من مرض نفسي. اتجه معاذ صوب المكتبة الكبرى للمدينة، وولج جناح الكتب العلمية، وطلب من البائع الكتاب المراد، فأعطاه له وقال معاذ : '' أنا متأكد أن هذا سيعجب أمل ''.عاد الفتى إلى البيت ورجلاه لا تكادان تحملانه، كان يقول لنفسه أن أمل ستنسى كل ما جرى بمجرد حصولها على هذه الهدية. دخل البيت، وجلس ينتظر استيقاظ أمل على أحل من الجمر، فما إن استيقظت، حتى ذهب ودم لها طعامها تأكله وهنأها بمناسبة شفائها، وبعدها اتجه إلى غرفته وحمل الهدية، وقدمها لأخته، لم تخمن أمل وهي تمسك بها ماذا يمكن أن يكون بداخلها، فقد اعتقدت للوهلة الأولى أن الأمر يتعلق بلعبة أو شيء يؤكل، لكن بمجرد أن فتحتها، كادت تقفز من الفرح، وهي لا تزال حديثة العهد بالخروج من المستشفى، نظرت إلى أخيها نظرة ملؤها الحب والمودة والكلمات لا تسعها التعبير عن فرحتها فهي لم تصل إلى هذه الدرجة من الفرح منذ وفاة والدتها، ولم يستطع أحد أن يفرحها أو يخرجها من قوقعة الحزن سوى هدية معاذ والتي كانت عبارة عن كتابة يحكي حياة العالم '' ابن سينا ''، الذي سألت عنه أمل أخاها قبل الحادث. لمدة ثلاثة أيام، عكفت أمل على قراءة الكتاب وبمساعدة كل من أبيها وأخيها استطاعت إنهاءه في طرف زمني قياسي، طلبت من أبيها وأخيها الجلوس لتطلعهما على أول هدف لها وأول قرار ترسمه في حياتها بعد أن ألمت بكل جوانب حياة '' ابن سينا ''، فقد قررت أن تخطو على خطاه، وأن تصبح ثاني طبيبة في العائلة بعد خالتها. رسمت أمل هدفها، واختارت بعناية وسائل تحقيقه، وحاولت إبعاد كل العقبات التي من شأنها أن تحول دون تحقيقه، فقد ذهبت لزيارة خالتها واستفسرت عن كل شيء يتعلق بالطب واستمعت بشغف لإرشادات خالتها التي استقبلتها بصدر رحب. مرت السنة بعد السنة وأمل تحقق النجاح بعد النجاح، وسط إعجاب كل المحيطين بها، ووصلت للمرحلة الثانوية وهي تحصد أعلى الدرجات، ليس على صعيد المؤسسة وحسب، بل على الصعيد الجهوي. لم يبق أمامها سوى سنة للالتحاق بكلية الطب، لكن كان عليها تحصيل درجات جد عالية. عملت أمل بجهد ليلا ونهارا، وكل أملها ولوج كلية الطب. وجاء اليوم الموعود، يوم الإعلان عن النتائج النهائية، لم تنم أمل تلك الليلة لهول الموقف، فقد كافحت طيلة السنين الماضية وهي الآن سترى نتيجة ذلك. دخلت الثانوية رفقة أخيها، فما لبثت أن رأت اسمها حتى كاد يغمى عليها، فقد حصلت على المرتبة الثانية على الصعيد القطري، أقام أبوها بهذه المناسبة حفلا كبيرا دعا إليه الأقارب وكان الكل سعيدا بذلك النجاح. بعدها أمضت أمل سبع سنوات مرت بسرعة بمدرسة الطب، لتصنع الحدث وتفاجئ الكل. أصبحت أمل الآن دكتورة مشهورة ومحبوبة لدي الجميع، تحنو على الضعيف وتساعد الفقراء والمساكين، وتقضي وقت فراغها في جلب الدواء للمستضعفين، وأول أجر تقاضته في عملها قدمت قسطا كبيرا منه لأخيها البكر، وشكرته على صنيعه، وفضله في الإنجاز الذي حققته والمستوى الذي وصلت إليه، و ذلك كله بواسطة كتاب !!أعاد الأمل لأمل في الحياة.
| |
|
آﻟﻣ̝̚ﻟگـة ﻣ̝̚ـﻧۆﺷھَہّ ┋♥ »|| عَضًوٍهِ فُعٍآلٌهـٍ ♥
عدد المساهمات : 104 نقاط : 124 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 30/05/2012 الموقع : حاااااااااائل المزاج : نعومه بنت خجواله
| موضوع: رد: قڝة قڝۑرة | أمٍڵ أمٍڵ ... الأحد يوليو 29, 2012 11:27 am | |
| | |
|
سيآسيه ! المُدِيرَههّ الْعَإمَههّ.♥
عدد المساهمات : 211 نقاط : 346 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 31/05/2012 المزاج : الح ـمد لله على كل حآآل نشكر اللــ,
| موضوع: رد: قڝة قڝۑرة | أمٍڵ أمٍڵ ... الأحد أغسطس 19, 2012 3:47 am | |
| | |
|